بقلم تركية الجندوبي
موستي أو موستيس، هو موقع أثري متواجد في قرية الكريب من ولاية سليانة، والذي يضم ضواحي ريفية تغطي مساحة تزيد عن 34 هكتارًا.

https://images.thefirstnews.com/v7557c9sjnq46rsxcezw.png
وحسب مقال نشره موقع “ذو فيرست نيوز”، مَثّل هذا الموقع الأثري وجهة فريق من علماء الآثار القادمين من مركز آثار البحر المتوسط بجامعة وارسو البولندية، والذين إكتشفوا بالتعاون مع المعهد الوطني التونسي للتراث أكثر من 130 نقشًا رومانيًا تروي حكاية رائعة عن تطور المدينة في موقع موستي.

كانت موستي سابقا، عاصمة تم تأسيسها من قبل القبائل الرحل، التي شكلت مملكة قديمة غزتها الإمبراطورية الرومانية في القرن الثاني قبل الميلاد وأقامت فيها مستعمرة، جعلت على الأرجح للمحاربين القدامى في الجيش بقيادة القنصل الشهير غايوس ماريوس.
ازدهرت مستوطنة الرحل لتصبح عاصمة رومانية، شكلتها العديد من المباني العامة، مثل المعابد المخصصة لبلوتو وأبولو وسيريس، وقوس النصر، ومُركبات الاستحمام الإمبراطورية، والفيلات التي شيدت للمواطنين من الوجهاء، وأيضا كنائس مسيحية، ولا تزال بقايا هذه المباني صامدة إلى يومنا هذا.

وفي هذا الشأن، قال البروفيسور توماس واليسويسكي، الذي يرأس البعثة:”لقد قام فريقنا بالفعل بجرد أكثر من 130 نقشا لاتينيًا من العصر الروماني، وهناك العديد من النقوش الأخرى”. ويصف النص اللاتيني مراحل تأسيس المعابد والمباني العامة والشؤون الحياتية اليومية لسكان المدينة الصاخبة. كانت تحكي هذه النصوص المنحوتة على الحجر قصة ما هو مهم بالنسبة للسكان.

https://images.thefirstnews.com/vt90x3241ljhk4jk6kpv8i.jpeg
وأضاف واليسويسكي: “تعكس الأرقام التي تحصلنا عليها ثراء هذه النقوش، ونقدر أن هناك أكثر من 500 نقش لاتيني في منطقة موستيس إلى جانب المناطق الأخرى القريبة. إنها حقًا كثيرة، حتى بالنسبة لإفريقيا البروقنصليّة”.
كانت إفريقيا البروقنصليّة مقاطعة رومانية، تمثل حاليا كلا من تونس وجزءا من ليبيا، كما كانت تعد منطقة حضرية إلى حد كبير بالنظر إلى طرق التجارة الممتدة من قرطاج إلى تيفست، المعروفة اليوم بمدينة تبسة الجزائرية. وبصرف النظر عن أهميتها من حيث الاتصالات والنقل، كانت المنطقة خصبة للغاية، أين تم زراعة الحبوب والزيتون والعنب هناك، مما أدى إلى إثراء سريع من القرن الأول إلى القرن الثالث الميلادي.

https://images.thefirstnews.com/1000×667/tj6lusppyuab48avtz5spj.jpeg
وعلى غرار المواقع الاستيطانية الرومانية الأخرى في إفريقيا، عانت موستي، الواقعة على بعد 120 كم من قرطاج، من أزمة بسبب غزو الوندال، إحدى القبائل الجرمانية الشرقية، من القرن الخامس إلى السادس.
آخر القطع التي تم التنقيب عنها في المدينة تعود إلى القرن الثاني عشر، والذي يُعتقد أنه شهد نهايتها. وبصرف النظر عن النقوش اللاتينية العديدة، ألقت الحفريات الضوء على جانب آخر للتحضر الروماني في المنطقة.

https://images.thefirstnews.com/zlr7t1s6z6di3thoqzm31a.jpeg
وصرح البروفيسور واليسويسكي “البقايا الرومانية كانت ببساطة مذهلة للغاية مقارنة ببيوت الرحل الفقيرة. ربما نحن مخطئون، وسوف تظهر الأبحاث الجديدة أن ثقافة الرحل في إفريقيا ما قبل الرومانية كانت أكثر ثراءً، مستوحاة من العالمين البونيقي واليوناني”.

على الرغم من شهرة أنقاض موستي بين المسافرين من أواخر القرن التاسع عشر، إلا أنه لم يتم القيام إلا بأعمال إعادة ترميم محدودة للأثار، فقد تم إعادة بناء ثلاثة معابد وبوابة المدينة جزئيًا، مع أن النقوش تشير إلى وجود ما يقارب 11 معبدًا وثنيًا.